أ. اشقبقب باحمد بن عيسى
--------------------------
كَثِيرًا مَا تُطْرَحُ إِشْكَالِيةُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ رَغَبَاتِ الأَبْنَاءِ فِي اللَّعِبِ وَآمَالُ الأَوْلِيَاءِ فِي التَّحْصِيلِ الدِّرَاسِي، والتَّدَاخُلُ يَكْمُنُ أَسَاسًا فِي طَبِيعَةِ الصِّغَارِ وَمَيْلِهِمْ لِلَّعِبِ وَالتَّرْفِيهِ وَبَيْنَ طَبِيعَةِ الآبَاءِ فِي رَفْعِ سَقْفِ الطُّمُوحِ الَّذِي يَتَمَنَّوْنَهُ فِي ابْنِهِمْ خَاصَّةً فِي التَّحْصِيلِ الدِّرَاسِي.

بَيَّنَتْ دِرَاسَاتٌ فِي عُلُومِ التَّرْبِيَةِ أَنَّ الطِّفْلَ عِنْدَمَا يُحْرَمُ مِنْ مُمَارَسَةِ اللَّعِبِ سَيُولَدُ عِنْدَهُ سُلُوكِيَاتٌ سَيِّئَةٌ مِنْهَا: الاِنْطِوَاءُ، التَّمَرُّدُ، الْخُمُولُ، التَّخْرِيبُ،... وَفِي حَالِ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ سَيُؤَدِّي بِهِ إِلَى الأَنَانِيَّةِ وَرُبَّمَا الاِنْحِرَافُ.

وَلِلَّعِبِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ نُورِدُ مِنْهَا:
- هِيَ رِيَاضَةٌ لِجِسْمِ الطِّفْلِ وَعَقْلِهِ وَعَوَاطِفِهِ، وَيَعْمَلُ عَلَى تَقْوِيَةِ عَضَلاَتِ الْجِسْمِ والْمَفَاصِل.
- بِنَاءُ مَلَكَةِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ مَا يَحْسُنُ وَمَا لا يَحْسُنُ، وكَذَا الاِحْتِمَالاَتِ وَ الْبَدَائِلِ.
- اِكْتِسَابُ مَهَارَاتٍ جَدِيدَةً فِي تَمَارِينِ الْعَقْلِ خَاصَّةً مَا تَعَلَّقَ مِنْهَا بِأَلْعَابِ الذَّكَاءِ.
- تَقْوِيَةُ الْحَوَاسِّ لَدَى الطِّفْلِ وَتَنْمِيَةِ الْعَلاقَاتِ، وَهِيَ فُرْصَةٌ لاكْتِشَافِ الذَّاتِ.
فَكَيْفَ بِهَا إِذَا كَانَتْ بَيْنَ فَتَرَاتِ الدِّرَاسَةِ أَوْ تَحْفِيزًا لأَبْنَائِنَا بَعْدَ التَّحْصِيلِ الْجَيِّدْ وَالأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ الْمُرَافَقَةُ الرَّشِيدَةُ مِنَ الأَوْلِيَاءِ.

يَبْقَى الْوَلِيُّ أَمَامَ خَيَارٍ وَاحِدٍ وَوَحِيدٍ وَهُوَ تَنْظِيمُ الْوَقْتِ بَيْنَ اللَّعِبِ وَالدِّرَاسَةِ دُونَ اجْحَافٍ فِي حَقِّ هَذَا أَوْ ذَاكَ عِلْمًا أَنَّ مِنْ طَبِيعَة الإِنْسَانِ الْمَلَلِ، وكَذَا تَحْبِيبُ الدِّرَاسَةِ لأَبْنَائِنَا وَمِنْ أَهَمِّ الأَسَالِيبِ فِي ذَلكَ:
- الْحِرْصُ عَلَى إِيْجَادِ أَوْقَاتٍ لِلرَّاحَةِ وَمُمَارَسَةِ الْهِوَايَاتِ (رَسْم، إِبْدَاع، فَنّ...) بَعْدَ كُلِّ سَاعَتَانِ مِنَ الْمُذَاكَرَةِ الْمَنْزِلِيَّةِ كَأَقْصَى حَدٍّ.
- تَنْوِيعُ الْمُفَاجَئَاتِ بَعْدَ كُلِّ جُهْدٍ فِي سَبِيلِ التَّحْصِيلِ، الْمُهِمُّ فِي المُفَاجَئَةِ لَيْسَ قِيمَتُهَا بَلِ الاِهْتمَامُ بِالإِنْجَازِ وَرِعَايَتِهِ.
- تَدْرِيبُ الطِّفْلِ عَلَى تَقْسِيمِ الْوَقْتِ بَيْنَ الْمَوَادِّ وَتَقْدِيمِ الأَوْلَوِيَّاتِ.
- تَفَادِي التَّخْوِيفِ الْمُبَالَغِ فِيهِ مِنَ الاِخْتِبَارَاتِ وَالنَّتَائِج بَلْ حَثُّهُ عَلَى بَذْلِ الْجُهْدِ فَحَسبْ.
- الْحِرْصُ عَلَى تَقْدِيمِ وَجَبَاتٍ صِحِّيَّةٍ مُتَوَازِنَةٍ تُلَبِّي حَاجِيَاتِ الطِّفْلِ النَّمَائِيَّةِ.

فِي الأَخِيرِ يَبْقَى أَبْنَاؤُنَا أَمَانَةً بَيْنَ أَيْدِينَا، وَصَلاَحُهُمْ صَلاَحُ الْمُجْتَمَعِ وَهُمْ طِينَةٌ رَطْبَةٌ بِأَيْدِينَا فَلْنُحْسِنِ التَّكْوِينَ خَاصَّةً فِي ضِلِّ الْعوْلَمَةِ ، وَلْنَحْتَسِبْ فَالثَّوَابُ عَلَى قَدْرِ التَّعَبِ.